ينطلق الفصل الأول في رحلته التعليمية من محيط الطفل المباشر، مقدّماً مجموعة من الدروس التي تتناول الكائنات الحية والجمادات، وكيفية التفاعل معها والتعرف على خصائصها. يبدأ المتعلّم الصغير رحلته باكتشاف جسمه وأجزائه، ليس كمجرد أسماء للحفظ، بل كمنظومة متكاملة تتيح له القيام بأنشطته اليومية، مما يعزز الوعي المبكر بأهمية الصحة والنظافة. ومن ثمّ يتوسع لإدراك البيئة المحيطة به، فيتعرف على أنواع الحيوانات وخصائصها، والنباتات وأجزائها، ودورة حياتها البسيطة، مما يزرع فيه بذرة الاهتمام بالطبيعة والوعي البيئي.
كما يضم الفصل الأول مفاهيم فيزيائية مبسطة تناسب عقلية الطفل في هذه المرحلة العمرية، فيتعرف على المواد من حوله في حالتها الصلبة والسائلة والغازية، ويتعامل مع ظواهر طبيعية مثل الضوء والصوت والحرارة، وكيفية تأثيرها في حياته اليومية. ويتم تقديم هذه المفاهيم عبر أنشطة عملية وتجارب بسيطة وآمنة يمكن إجراؤها داخل الفصل أو البيت، مما يعزز التعلم بالاستكشاف والتجريب الذي يعد من الركائز الأساسية في منهاج الجيل الثاني.
تم تصميم دروس التربية العلمية للفصل الأول بطريقة تتناغم مع الخصائص النمائية لأطفال السنة الثالثة ابتدائي، حيث تركّز على تنمية الملاحظة الدقيقة، والمقارنة، والتصنيف، والتساؤل، والتعبير عن الأفكار. كما تدمج المشاريع البسيطة والعمل الجماعي لتعزيز روح التعاون والعمل ضمن فريق. وتأتي الأنشطة مصحوبة بصور توضيحية ملونة ورسومات جذابة لتسهيل عملية الفهم وتحبيب الطفل في المادة العلمية.
يهيئ هذا الفصل الدراسي الأساس المتين للمراحل اللاحقة، حيث يكتسب المتعلم المهارات العلمية الأولية والأدوات الذهنية التي تمكنه من مواصلة رحلته في عالم المعرفة بشغف وثقة. إنه ليس مجرد تعلم لمعلومات، بل هو بناء لشخصية طفل قادر على ملاحظة ظواهر عالمه، وفهمها، والتفاعل معها بوعي وإدراك، مما يجعله فرداً فاعلاً في محيطه منذ نعومة أظافره.
من خلال هذا المحتوى المصمم بعناية، نرى كيف يتحول تعلم العلم من عملية نظرية إلى تجربة حية تلامس واقع الطفل، وتثير خياله، وتطلق العنان لأسئلته التي لا تنتهي، مما يجعله مستعداً لاكتشاف المزيد من عجائب هذا الكون الواسع في الفصول القادمة.